نشرت المجلة الفنية الإلكترونية المتخصصة " بيت الفن " ، في ركن " مفارقات سينمائية " بقلم أحمد سيجلماسي ، ورقة يتساءل فيها هذا الأخير عن مصير المبلغ المالي الكبير الذي دأبت لجنة دعم تنظيم المهرجانات والتظاهرات السينمائية على تخصيصه كل سنة لمهرجان مراكش الدولي للفيلم ، خصوصا بعد تأجيل دورته 17 إلى سنة 2018 . وتعميما للفائدة نعيد نشر هذه الورقة :
انتهى يوم الأربعاء 5 يوليوز 2017 أجل وضع ملفات الترشيح للإستفادة من خدمات لجنة دعم تنظيم المهرجانات والتظاهرات السينمائية ، برسم الدورة الثانية لسنة 2017 ، وهي اللجنة التي يترأسها للسنة الثانية على التوالي الدكتور محمد مصطفى القباج .
وستشرع هذه اللجنة الوطنية في دراسة ما تبقى من الملفات المتوصل بها إلكترونيا في أفق استقبال ممثلي هذه المهرجانات والتظاهرات المرشحة ، يومي 17 و 18 يوليوز الجاري بالمركز السينمائي المغربي ، للترافع أمامها قبل الإعلان عن قائمة المستفيدين من دعمها ومبالغ هذا الدعم .
وبما أن مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش قد أعلنت مؤخرا ، عبر بلاغ صحفي لها تم تعميمه على منابر إعلامية مختلفة ، عن تأجيل الدورة 17 لمهرجانها إلى سنة 2018 ، وهي الدورة التي كان مقررا تنظيمها في مطلع دجنبر 2017 ، فإن العديد من المهتمين بالسينما وثقافتها وعلى رأسهم المشرفون على تنظيم المهرجانات والتظاهرات السينمائية ببلادنا شرعوا في التساؤل عن مصير المبلغ الضخم نسبيا (11000000 د / سنة 2016) الذي كان يخصص لدعم مهرجان مراكش كأكبر مهرجان سينمائي بالمغرب ، وهو المبلغ الذي تشكل نسبته أكثر من 37 في المائة من المبلغ السنوي الإجمالي المخصص لدعم تنظيم المهرجانات والتظاهرات السينمائية والذي بلغ 29300000 درهما سنة 2016 .
وهنا أتساءل بدوري : هل ستستفيد المهرجانات والتظاهرات المرشحة للدعم في دورة يوليوز الجاري ، وعددها يقارب أو يتجاوز بقليل رقم 30 ، من الغلاف المخصص لدورة مهرجان مراكش المؤجلة أم أن ما يخص هذا المهرجان يدخل في باب " المقدسات " ؟
الملاحظ منذ إحداث لجنة دعم تنظيم المهرجانات والتظاهرات السينمائية أن الغلاف المالي للدعم ظل ثابثا (حوالي ثلاثة ملايير من السنتيمات) ، كما ظل يوزع بنفس الطريقة تقريبا : أكثر من مليار يخصص لمهرجان مراكش وحده ، أقل من مليار تستفيد منه المهرجانات والتظاهرات المنظمة في النصف الأول من السنة ، أقل من مليار تستفيد منه المهرجانات والتظاهرات المنظمة في النصف الثاني من السنة .
لقد آن الأوان لإعادة النظر في غلاف الدعم وطريقة توزيعه ، فلا يعقل أن يستحوذ مهرجان مراكش لوحده على حصة الأسد ، وهو المهرجان الذي لا تبخل على دعمه أكبر المؤسسات العمومية والخصوصية . ولا يعقل أيضا أن يتم دعم مهرجانات تنظم من طرف الدولة ومؤسساتها المختصة (المركز السينمائي المغربي) إلى جانب مهرجانات تنظمها جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني .
صحيح أن ظاهرة التهافت على تنظيم المهرجانات والتظاهرات السينمائية أصبحت ملفتة للنظر في السنوات الأخيرة ، نصف هذه التظاهرات تستفيد من دعم اللجنة (49 سنة 2016) والنصف الآخر لا يستفيد منه . ومن حق اللجنة أن ترفض دعم التظاهرات والمهرجانات المفتقرة لتصور واضح ولمهنية في التنظيم ولخصوصية معينة على مستوى تيمة الإشتغال ولطاقم مشرف متمكن ثقافيا وجمعويا وغير ذلك . لكن ليس من حقها أن تكون كريمة مع البعض وشحيحة مع البعض الآخر .
مصداقية واستقلالية اللجنة الحالية لدعم تنظيم المهرجانات والتظاهرات السينمائية ستكشف عنهما بعد أيام نتائج مداولاتها الخاصة بالدورة الثانية لهذه السنة . فإذا استطاعت هذه اللجنة أن تتصرف في جزء على الأقل من الغلاف المالي المخصص لمهرجان مراكش المؤجل وتوزعه على من يستحقه من المهرجانات والتظاهرات ، التي أظهرت تطورا وتميزا في التنظيم والإشعاع والمردودية الثقافية والفنية وغير ذلك ، فسيظهر بالملموس أنها سيدة قراراتها . وإذا لم تستطع فهذا دليل قاطع على أن هناك تعليمات تأتي من فوق أو أن الغلاف المخصص لمهرجان مراكش يقتطع من المنبع .